-A +A
حمود أبو طالب
الحياة تمضي كما هي وبشكلها الطبيعي، وفندق الإنتركونتيننتال بالرياض يزدحم بضيوف مهرجان الجنادرية من داخل المملكة وخارجها، يتحلقون في مجموعات تملأ البهو ويتحدثون في شؤون كثيرة ويناقشون الأحداث المتسارعة والتقلبات المفاجئة التي لم يعودوا قادرين على ملاحقتها، وبالتأكيد فإن الشأن السعودي كان الأبرز في النقاش. كثيرون يريدون أن يعرفوا تفاصيل ما يحدث، لكن الأكثر منهم أولئك الذين تملكتهم الدهشة من الإيقاع الطبيعي جداً الذي يميز الحياة رغم كل الظروف التي تواجهها المملكة، وخاصة الحرب التي تقودها على الجبهة الجنوبية، ومجابهة خفافيش الإرهاب وخلاياه التي تسقط تباعاً بمهارة واحتراف الجهات الأمنية. الضيوف من خارج المملكة يقارنون بين أوضاعنا وأوضاع دول أخرى مرت بظروف مشابهة، وربما أقل خطراً لكنها تحولت إلى ثكنات تملأ المدن ونقاط تفتيش تملأ الشوارع وتعطل حياة الناس، أي أنها أصبحت في حالة طوارئ مستمرة تربك كل شيء. ضيوفنا كانوا يقارنون ما شاهدوه بما سمعوه، واكتشفوا كم يكون بعض الإعلام جائراً وظالماً ومتمادياً في تزييفه للحقائق. وكذلك اكتشفوا كيف تدار الأوضاع بحزم وفي نفس الوقت دون تعطيل لطموحات التنمية والحياة الطبيعية.

والجانب المهم الآخر في جنادرية 31 هو وجود الشقيقة مصر كضيف شرف لهذه الدورة. قد يكون هذا الترتيب مفاجئاً للواهمين الذي يصفقون لشائعات تأزم العلاقات بين المملكة ومصر، ويتمنون أن تصل حد القطيعة. هؤلاء الذين ما زالوا يحلمون باستعادة فترة شاردة سقطت من التأريخ الطبيعي لمصر أصيبوا بالصدمة من خبر حضور مصر في الرياض بتأريخها وثقافتها وفنها وفكرها وعروبتها وعلاقاتها الطويلة الراسخة مع المملكة. إنه إعلان ذكي من البلدين لدحض كل التخرصات والأمنيات الملوثة والشائعات الخارجة من أوكار الخيانة.


الوطن يمضي في طريق المستقبل تحت ظلال الأمن وفوق كل المؤامرات.